Posted by: إدارة موقع رأس كتان | سبتمبر 10, 2008

من نانسي وهيفا إلى مهند.. الرابح الوحيد هو أصحاب ‘الدعارة الفضائية’! أحمد دعدوش

من نانسي وهيفا إلى مهند.. الرابح الوحيد هو أصحاب ‘الدعارة الفضائية’! أحمد دعدوش

قبل بضع سنوات انطلقت حمى المغنيات أشباه العاريات، وتوسع الأمر حتى أصبح ظاهرة غير مسبوقة في الإعلام والفن العربيين، حيث أمكن للمرة الأولى انفلات الإباحية عن نطاق تحكم المشاهد، ولم يعد من الممكن ـ كما في الماضي ـ منع الأطفال والمراهقين من مشاهدة الأجساد العارية التي تعرض على مدار الساعة، بعد أن كان الأمر يقتصر في السابق على الأفلام السينمائية التي تبقى حبيسة دور العرض، والتي لم يكن من المسموح لها بالظهور على الشاشة الصغيرة إلا في أوقات السهرة، حيث يمكن للآباء والأمهات التحكم فيما يتسلل إلى عقول وقلوب أطفالهم.

لم تكن ظاهرة “العري كليب”، لتمرّ دون انطلاق ظاهرات أخرى موازية، فالكل يريد أن يتكلم ويبدي الرأي من زاويته.. وتحولت وسائل الإعلام على تنوعها إلى ميادين للتناطح بين الفريقين.

أما في البيوت المغلقة، فقد دارت حروب أخرى.. الرجال يختلسون النظر، والنساء يتذمرن ويشددن الرقابة، بينما تنقل وسائل الإعلام أنباءً وإحصائيات عن حالات الطلاق الكثيرة التي تعود أسبابها إلى العرض المجاني لأجساد المغنيات الغضة والشهية، وأكدت عدة دراسات أكاديمية وميدانية صحة الربط بين الأمرين.

أما النساء اللواتي حالفهن الحظ، ولم يقعن في فخ الطلاق، فقد عاجلت الكثيرات منهن إلى عمليات الإصلاح والصيانة، لتبدأ حمّى جديدة اسمها عمليات التجميل وتمارين التخسيس، وبدا أن مرحلة جديدة من تاريخ العلاقات الأسرية قد بدأت في هذه المنطقة من العالم، حيث يُقاس مؤشر السعادة والاستقرار الأسري بمدى اقتراب شكل الزوجة الخارجي من تشكيل أجساد نانسي وهيفا وغيرهما من الأسماء المدرجة على القائمة،

وكما هو الحال في أي “صيحة” من صيحات هذا العصر المتخبط، بدأ ضوء تلك النجمات المصطنع بالخفوت التدريجي في الفترة الأخيرة، ولم تعد البلبلة السابق ذكرها تنال اهتماماً كافياً لدى قراء ومشاهدي وسائل الإعلام التجارية، وبات الأمر يتطلب شيئاً من التجديد.

هنا أصبح توقيت إطلاق “ظاهرة مهند” مناسباً للغاية، كما أن تغيير قواعد اللعبة سيؤدي بالطبع إلى نتائج أفضل وأكثر تشويقاً.. فإذا كان المستهدف في لعبة نانسي وهيفا، هو الرجل المتلهف إلى تلك الأجساد الساخنة، فإن الهدف الآن هو المرأة التي ستكتشف للمرة الأولى أنها كانت تعيش في عالم فارغ من الحب والرومنسية، ولتبدأ موجة أخرى من النقد والتعليق وتبادل التهم، وتنطلق شرارة الخلافات الزوجية على نحو أشد، ويتبرع الباحثون والأكاديميون بتنبيهنا ـ وكأننا بحاجة إلى ذلك ـ إلى أن قصة مهند هي المسؤول الأول عن ارتفاع معدلات الطلاق في الفترة الأخيرة.

العجيب في الأمر هو أن الكل يعرف هزلية كل من الظاهرتين، وأنهما أقرب إلى المثالية الأسطورية.

فأجساد الغانيات العاريات المنحوتة بعناية ليست سوى أجساداً بشرية يعتريها ما يعتري كلاً منا من الضعف والمرض والترهل، كما أن ملامح وجوههن الساخنة ليست إلا أقنعة تم تشكيلها بالعمليات التجميلية والمساحيق. ومن الطريف أن ينشر بعض الصحفيين المشاغبين صوراً حقيقية تم التقاطها لأولئك الغانيات أثناء مزاولتهن لحياتهن اليومية، حيث يظهرن على خلقتهن الطبيعية من دون ماكياج، ليكتشف المعجبون حقيقة الجمال الصناعي بالرغم من العمليات التجميلية التي لا يخلو ملف أي منهن من تجريبها.

في المقابل، فإن قصة مهند الرومنسية التي ألهبت خيال النساء المتسمرات أمام الشاشات ليست إلا أسطورة، فهي أقرب إلى قصص الأميرات والفرسان النبلاء التي كانت تُحكى لهن قبل النوم في الأيام الخوالي، وبالرغم من نسيان معظم الزوجات لهذه الخرافات مع انخراطهن في خضم الحياة الصعبة، إلا أن تجسيد هذا الشاب الوسيم لتلك القصة من جديد لا بد وأن يعيد إحياءها في نفوسهن المتعبة، بل ويشغل عقولهن بالمقارنة بين رجالهن اللاهثين وراء لقمة العيش وبين هذا الممثل الذي نجح في لعب دوره مقابل أجره الضخم.

القصة نفسها تتكرر، حيث يتم تصنيع الجسد المثير بمواصفات قياسية لإشعال شهوة الرجل، ثم يُطرح بكافة الأشكال والنكهات في الأسواق، وتبدأ حملة مكثفة من الإعلام الموازي للحديث عن “الظاهرة”، سواء بالنقد أو التأييد، والهدف هو شد الانتباه والإقناع بأن ثمة ظاهرة حقيقية قد بدأت ومن الصعب إلجامها. وفي الجهة المقابلة، تُكتب قصة خيالية لعلاقة حب أسطورية لا يمكن حدوثها على أرض الواقع لتهييج مشاعر المرأة، وتُطرح أيضاً في الأسواق مع حملة مماثلة من الإعلام الموازي.

الملفت في الأمر، هو أن المسلسلين التركيين اللذين انطلقا مؤخراً على شبكة إم بي سي لم يلفتا الانتباه بالقدر الذي خُطط له، فالظاهرة المزعومة لم تنطلق شرارتها إلا مع الحملة الإعلامية التي نظمتها شبكة إم بي سي، إلى درجة تورط قناة “العربية” في مناقشة “الظاهرة”، وتقديمها على أنها حقيقة واقعة تستحق التأمل والدراسة، ويمكن للمتابع أن يلاحظ الحملة التي تقوم بها هذه الإمبراطورية الإعلامية سواء على شاشاتها أو مواقعها الإلكترونية أو إذاعاتها المسموعة أو حتى مجلاتها المطبوعة.

وفقاً لهذا المخطط، يتم إقناع المشاهد العربي بأنه حقاً أسير مشاكل خانقة متجذرة في نفسه المريضة ومجتمعه الهش، فالنساء سمينات خاليات من الأنوثة، والرجال غلاظ مهووسون بالمادة والجنس، والحل الوحيد هو استنساخ نانسي ومهند، ثم ملء مدننا وقرانا الخالية من أي مشاكل أخرى بفتيات ساخنات يحترفن الرقص ورجال عاشقين يقرضون الشعر.

ما زالت “الظاهرة” في بداية انطلاقتها، وما زال الصراع بين كافة الأطراف من مؤيدين ومعارضين محتدماً وعلى أشده، وما زالت معدلات الطلاق في ارتفاع مقلق، وما زالت أموال المشاهدين تُستنزف، وأوقاتهم تُهدر، وأعصابهم تُحرق، وبيوتهم تُدمر، وأعراضهم تُنتهك.. والمبرر الوحيد هو أنهم هم الذين أرادوا ذلك لأنفسهم، أما الرابح الوحيد من هذه اللعبة فهو حقاً أصحاب تلك الكباريهات الفضائية.. فإلى متى تستمر المهزلة؟!


الردود

  1. ده احلى خبار سمعتو في حياتى ان هشام طلعت مصطفي خد اعدام يارب ياخد اعدام


أضف تعليق

التصنيفات